فصل: الخبر عن ملوك بني أدفونش من الجلالقة ملوك الاندلس بعد الغوط ولعهد المسلمين وأخبار من جاورهم من الفرنجة والبشكنس والبرتغال والالمام ببعض أخبارهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن ملوك بني أدفونش من الجلالقة ملوك الاندلس بعد الغوط ولعهد المسلمين وأخبار من جاورهم من الفرنجة والبشكنس والبرتغال والالمام ببعض أخبارهم.

والملوك لهذا العهد من النصرانية أربعة في أربعة من العمالات محيطة بعمالة المسلمين قد ظهر إعجاز الملة في مقامهم معهم وراء البحر بعدما استرجعوا من أيديهم ما نظمه الفتح الإسلامي أول الأمر وأعظم هؤلاء الملوك الأربعة: قشتالة وعمالاته عظيمة متسعة مشتملة على أعمال جليقية كلها مثل قشتالة وغليسية والقرنتيرة وهي بسيط قرطبة وإشبيلية وطليطلة وجيان آخذة في جوف الجزيرة من المغرب إلى المشرق ويليه من جانب الغرب ملك البرتغال وعمالته صغيرة وهي أشبونة ولا أدري نسبه فيمن هو من الأمم ويغلب على الظن أنه من أعقاب القواميس الذين تغلبوا على عمالات بني أدفونش في العصور الماضية كما نذكر بعد ولعله من أسباطهم وأولي نسبهم والله أعلم ويلي ملك قشتالة هذا من جهة الشرق ملك نبرة وهو ملك البشكنس وعمالته صغيرة فاصلة بين عمالات قشتالة وعمالة ملك برشلونة وقاعدة ملك نبرة وهي مدينة ينبلونة وملك برشلونة وما وراءها ونحن الان نذكر أخبار هذه الأمم من عهد الفتح بما يظهر لك منه تفصيل أخبارهم وذلك أن النصرانية لما تغلب عليهم المسلمون عند الفتح سنة تسعين من الهجرة وقتلوا لزريق ملك الغوط وانساحوا في نواحي جزيرة الأندلس وأجفلت أم النصرانية كلها أمامهم إلى سيف البحر من الجوف وتجاوزوا الدروب وراء قشتالة واجتمعوا بجليقية وملكوا عليهم ثلاثة: ابن ناقله فأقام ملكا تسع عشرة سنة وهلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة وولي ابنه قافلة سنتين ثم هلك فولوا عليهم بعدهما أدفونش بن بطرة وهو الذي اتصل ملكه في عقبه لهذا العهد ونسبهم في الجلالقة من العجم كما تقدم ويزعم ابن حيان أنهم من أعقاب الغوط وعندي أن ذلك ليس بصحيح فإن أمة الغوط قد دثرت وغبرت وهلكت وقل أن يرجع أمر بعد إدباره وإنما هو ملك مستجد في أمة أخرى والله أعلم فجمعهم أدفونش بن بطرة على حماية ما بقي من أرضهم بعد أن ملك المسلمون عامتها وانتهوا إلى جليقية وأقصروا عن الفتح بعدها حتى فشلت الدولة الإسلامية بالأندلس وارتجع النصارى الكثير مما غلبوا عليه وكان مهلك أدفونش بن بطرة سنة اثنتين وأربعين ومائة لثمان عشرة سنة من ملكه وولي بعده ابنه فرويلة إحدى عشرة سنة قوى فيها سلطانه وقارنه فيها شغل عبد الرحمن الداخل بتمهيد أمره فاسترجع مدينة بك وبرتغال وسمورة وسلمنقة وشقرنية وقشتالة بعد أن كانت انتظمت للمسلمين في الفتح وهلك سنة ثمان وخمسين وولي ابنه شيلون عشر سنين وهلك سنة ثمان وستين فولوا مكانه أدفونش منهم ووثب عليه سمول ماط فقتله وملك مكانه سبع سنين وعلى عقب ذلك استفحل ملك عبد الرحمن بالأندلس وأغزى جيوشه أرض جليقية ففتح وغنم وأسر ثم ولي منهم أدفونش آخر سنة اثنتين وخمسين وهلك سنة ثمان وستين فولوا مكانه أدفونش منهم ووثب أحد ملوكهم المستبدين بأمرهم قال ابن حيان كانت ولاية رذمير هذا عند ترهب أخيه أدفونش الملك قبله وذلك سنة تسع عشرة وثلاثمائة على عهد الناصر وتهيأ للناصر الظهور عليه إلى أن كان التمحيص على المسلمين في غزوة الخندق وذلك سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وكانت الواقعة بالخندق وقريبا من مدينة شنت ماكس كما ذكر في أخباره ثم هلك رذمير سنة تسع وثلاثين وولي أخوه شانجة وكان تياها معجبا بطالا فانتقض سلطانه ووهن ملك قومه وانتزى عليه قوامس دولته فلم يتم لبني أدفونش بعدها ملك مستبد في الجلالقة إلا من بعد أزمان الطوائف وملوكهم كما ذكرناه وكان اضطراب ملكهم كما نقل ابن حيان على يد فردلند بن عبد شلب قومس ألبة والقلاع فكان أعظم القوامس وهم ولاة الأعمال من قبل الملك الأعظم فانتقض على شانجة ألبة وظاهرهم ملك البشكنس على شانجة وورد شانجة على الناصر بقرطبة صريخا فأمده واستولى بذلك الإمداد على كورة فملكها وأنزل المسلمين بها واتصلت الحرب بين شانجة وبين فردلند إلى أن أسر فردلند في بعض أيام حروبهم وحصل في أسر ملك البشكنس على أن ينفذ إليه أسيره فردلند بن عبد شلب قومس ألبة والقلاع فأبى من ذلك وأطلقه ووفد على المستنصر أرذون بن أدفونش المقارع لشانجة صريخا إحدى وخمسين فأجابه وأنفذ غالبا مولاه في مدده ثم هلك شانجة ملك بني أدفونش ببطليوس وقام بأمرهم بعده ابنه رذمير وهلك أيضا فردلند بن عبد شلب قومس ألبة وولي بعده ابنه غرسية ولقي رذمير المسلمين بالثغر في بعض صوائفهم وعظمت نكايته بعد مهلك الحكم المستنصر إلى أن قيض الله لهم المنصور بن أبي عامر حاجب ابنه هشام فأثخن في عمل رذمير وغزاه مرارا وحاصره في كورة ثم في ليون بعد أن زحف إلى غرسية بن فردلند صاحب ألبة وظاهر معه ملك البشكنس فغلبهما ثم ظاهروا مع رذمير وزحفوا جميعا للقائه بشنت ماكس فهزمهم واقتحمها عليهم وخربها وتشاءم الجلالقة برذمير وخرج عليهم عمه بزمند بن أرذون وافترق أمرهم ثم رجع رذمير إلى طاعة المنصور سنة أربع وسبعين وهلك على أثرها فأطاعت أمه واتفقت الجلالقة على بزمند بن أرذون وعقد له المنصور على كورة والعيون وما اتصل بهما من أعمال غليسية إلى البحر الأخضر واشترط عليه فقبل ثم امتعض بزمند لما نزل بالجلالقة عيث المنصور سنة ثمان وسبعين فافتتح حيون وحاصره في كورة ففر عنها وأسلمها أهلها إلى المنصور فاستباحها ولم يبق لملك الجلالقة الإحصون يسيرة بالجبل الحاجز بين بلدهم وبين البحر الأخضر ثم اختلف حال بزمند في الطاعة والانتقاض والمنصور يردد إليه الغزو حتى أذعن وأخفر ذمته الخارج على المنصور فأسلمه إليه سنة خمس وثمانين وضرب عليه الجزية وأوطن المسلمين مدينة سمورة سنة تسع وثمانين وولى عليها أبا الأحوص معن بن عبد العزيز التجيبي ثم سار إلى غرسية بن فردلند صاحب ألبة وكان أعان المخالفين على المنصور وكان فيمن أعان عليه حين خرج عليه فنازل المنصور مدينة أشبونة قاعدة غليسية فملكها وخربها وهلك غرسية هذا فولي ابنه شانجة وضرب المنصور عليهم الجزية وصار أهل جليقية جميعا في طاعته وكانوا كالعمال له إلا بزمند بن أرذون ومسد بن عبد شلب قومس غليسية فإنهماكانا أملك لأمرهما على أن مسدا بعث بنته للمنصور سنة ثلاث وثمانين وصيرها جارية له فأعتقها وتزوجها ثم انتقض بزمند وغزاه المنصور فبلغ شنت ياقب موضع حج النصرانية ومدفن يعقوب الحواري من أقصى غليسية وأصابها خالية فهدمها ونقل أبوابها إلى قرطبة فجعلها في سمت الزيادة التي أضافها إلى المسجد الأعظم ثم تطارح بزمند بن أرذون في السلم وأنفذ ابنه يلانة مع معن بن عبد العزيز صاحب جليقية فوصل به إلى قرطبة وعقد له السلم وانصرف إلى أبيه وألح المنصور على أرغومس من القوامس وكانوا في طرف جليقية بين سمورة وقشتالة وقاعدتهم شنت برية فافتتحها سنة خمس وثمانين ثم هلك بزمند بن أرذون ملك بني أدفونش وولي ابنه أدفونش وهو صاحب بسيط غرسية واحتكما إلى عبد الملك بن المنصور فخرج أصبغ بن سلمة قاضي النصارى للفصل بينهما فقضى به لمسد بن عبد شلب فلم يزل أدفونش بزمند فى كفالته إلى أن قتل غيلة سنة ثمان فاستبد أدفونش بأمره وطلب القواميس المقتدرين على أبيه وعلى من سلف من قومه برسوم الملك فحاز ذلك منهم لنفسه وبعث على نواحيهم من عنده وأذعنوا له وسقط ذكرهم فى وقته مثل بني أرغومس وبني فردلند الذين قدمنا ذكرهم وقد كان قيامهم أيام شانجة بن رذمير من بني أدفونش كما قدمناه جمعهم أدفونش للقاء عبد الملك المظفر بن المنصور فظاهرهم ملك البشكنس ولقيهم بظاهر فلونية فهزمهم وافتتح الحصن صلحا ثم انقرض أمر المنصور وبنيه وجاءت الفتنة البربرية على رأس المائة الرابعة فانتهز الفرصة في المسلمين صاحب ألبة وهو شانجة بن غرسية وصار يظاهر الفرقة الخارجة على الأخرى إلى أن أدرك بعض الأمل وقتله ملك البشكنس سنة ست وأربعمائة وتغلب النصارى على ما كان غلب عليه بقشتالة وجليقية ولم يزل أدفونش ملكا على جليقية وأعمالها واتصل الملك في عقبه إلى أن كان شأن الطوائف وتغلب المرابطون ملوك المغرب من لمتونة على ملوك الطوائف واستولوا على الأندلس وانقرض منها ملك العرب أجمع وفي تواريخ لمتونة وأخبارهم أن ملك قشتالة الذي ضرب الجزية على ملوك الطوائف سنة خمسين وأربعمائة هو البيطبيين ويظهر أنه كان متغلبا على شانجة بن أبرك الملك يومئذ من بني أدفونش وهو مذكور في أخبارهم وأنه لما هلك قام بأمره بنوه فردلند وغرسية ورذمير وولى أمرهم فردلند واحتوى على شنت برية وعلى كثير من عمل ابن الأفطس ثم هلك وخلف شانجة وغرسية وألفنش فتنازعوا ثم خلص الملك لألفنش وعلى عهده مات الظاهر إسماعيل بن ذي النون سنة سبع وستين وأربعمائة وهو المستولي على طليطلة سنة ثمان وسبعين وهو يومئذ اعتزاز النصرانية بجزيرة الأندلس وكان من بطارقته وقواميس دولته البرهانس فكان يلقب الأنبنذور ومعناه ملك الملوك وهو الذي لقي يوسف بن تاشفين بالزلاقة وكانت الدائرة عليه وذلك سنة إحدى وثمانين وحاصر ابن هود في سرقسطة وكان ابن عمه رذمير منازعا له فزحف إلى طليطلة وحاصرها فامتنعت عليه وحاصر القسريلية وغرسية والمرية والبرهانس مرسية وقسطون شاطبة وسرقسطة ثم استولى على بلنسية سنة تسع وثمانين وارتجعها المرابطون من يده بعد أن غلبوا ملوك الطوائف على أمرهم ثم مات ألفنش سنة إحدى وخمسمائة وقام بأمر الجلالقة زوجته وتزوجت رذمير ثم فارقته وتزوجت بعده قمطا من أقماطها وجاءت منه بولد كانوا يسمونه السليطين وأوقع ابن رذمير بابن هود سنة ثلاث وخمسمائة الواقعة المشهورة التي استشهد فيها وملك ابن رذمير سرقسطة وفر عماد الدولة وابنه إلى روطة فأقام إلى أن استنزله السليطين ونقله إلى قشتالة ثم كانت بين رذمير وأهل قشتالة حرب هلك فيها البرهانس سنة سبع وخمسمائة وذلك لآخر أيام المرابطين بلمتونة ثم انقرض أمرهم على يد الموحدين وكان أمر النصارى لعهد المنصور يعقوب ابن أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن كان دائرا بين ثلاثة من ملوكهم ألفنش والبيبوح وابن الرند وكبيرهم ألفنش وهو أميرهم يوم الأرك الذي كان للمنصور عليهم سنة إحدى وتسعين وخمسمائة والبيبوح صاحب ليون هو الذي مكر بالناصر عام العقاب فداخله وقدم عليه وأظهر له التنصيح فبذل له أموالا ثم غدر به وكر عليه الهزيمة يوم العقاب ثم هلك الناصر وولي ابنه المستنصر وفشل ريح بني عبد المؤمن واستولى ألفنش على جميع ما افتتحه المسلمون من معاقل الأندلس وارتجعها ثم هلك ألفنش وولي ابنه هراندة وكان أحول وكان يلقب بذلك وهو الذي ارتجع قرطبة وإشبيلية من أيدي بني هود وعلى عهده زحف ملك أرغون فارتجع شرق الأندلس كله شاطبة ودانية وبلنسية وسرقسطة وسائر الثغور والقواعد الشرقية وانحاز المسلمون إلى سيف البحر وملكوا عليهم ابن الأحمر بعد ولاية ابن هود ثم هلك هراندة وولي ابنه ثم هلك ابنه وولي ابنه هراندة وأجاز بنو مرين إلى الأندلس صريخا لابن الأحمر وسلطانهم يومئذ يعقوب بن عبد الحق فلقيته جموع النصرانية بوادلك وعلهم ذنبة من أقماط بني أدفونش وزعمائهم فهزمهم يعقوب بن عبد الحق وبقيت فتن متصلة ولم يلقه يعقوب وإنما كان يغزو بلادهم ويكثر فيها العبث إلى أن ألقوه بالسلم وخالف على هراندة ملك قشتالة هذا ابنه شانجة فوفد هراندة على يعقوب بن عبد الحق صريخا وقبل يده فقبل وفادته وأمده بالمال والجيش ورهن في المال التاج المعروف من ذخائر سلفهم فلم يزل بدار بني عبد الحق من بني مرين لهذا العهد ثم هلك هراندة سنة ثلاث وثمانين واستقل ابنه شانجة بالملك ووفد على يوسف بن يعقوب بالجزيرة الخضراء بعد مهلك أبيه يعقوب وعقد معه السلم ثم انتقض وحاصر طريف وملكها وهلك سنة ثلاث وتسعين فولي ابنه هراندة ثم هلك سنة اثنتي عشرة وسبعمائة فولي ابنه بطرة صغيرا وكفله عمه جران وكان نزلهما جميعا على غرناطة عند زحفهما إليها سنة ثمان عشرة وسبعمائة فولي ابنه الهنشة بن بطرة صغيرا وكفله زعماء دولتهم ثم استبد بأمره وزحف إلى السلطان أبي الحسن وهو محاصر لطريف سنة إحدى وخمسين وسبعمائة فهلك في الطاعون الجارف وملك ابنه بطرة وقرابته القمط برشلونة فأجاره ملكها وزحف إليه بطرة مرارا وتغلب على كثير من أعماله وحاصر بلنسية مرارا ثم اتيح الغلب للقمط سنة ثمان وسبعين وسبعمائة فاستولى على بلاد قشتالة وزحف إليه أم النصرانية لما كانوا سئموا من عنف بطرة وسوء ملكته ولحق بطرة بأمم الفرنجة الذين وراء قشتالة في الجوف بجهات الليمانية وفرطانية إلى سيف البحر الأخضر وجزيرة قدوج شنت مزين ملكهم الأعظم وهو البلنس غالس وجاء معه مددا بأمم لا تحصى حتى ملك قشتالة والقرنتيرة ورجعوا عنه إلى بلادهم بعد أن أصابهم وباء هلك الكثير منهم ثم اتصلت الحرب بين بطرة وأخيه القمط إلى أن غلبه القمط واعتصم منه بطرة ببعض الحصون ونازله القمط حتى إذا أشرف على أخذه بعث بطرة إلى بعض الزعماء سرا لنيل النزول في جواره فأجابه ووشى به لأخيه القمط فكبسه في بيت ذلك الزعيم وقتله سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة واستولى القمط على ملك بني أدفونش أجمع واستنزل ابن أخيه بطرة من قرمونة وقد كان اعتصم بها بعد مهلك أبيه مع وزيره مرتين لبس هو واستقام له ملك قشتالة ونازعه البلنس غالس ملك الإفرنجة بالابن الذي هو من بنت بطرة على عادة العجم في تمليك ابن البنت محتجا بأن القمط لم يكن لرشدة واتصلت الحرب بينهما وشغله ذلك عن المسلمين فامتنعوا من الجزية التي كانت عليهم لمن قبله وهلك هذا القمط سنة إحدى وثمانين وسبعمائة فملك ابنه شانجة وفر ابنه الآخر غرمس إلى غرناطة ثم رجع إلى نواحي قشتالة والأمر على ذلك لهذا العهد وفتنتهم مع ألفنش ملك الفرنج موصولة وعاديتهم لذلك عن المسلمين مرفوعة والله من ورائهم محيط وأما ملك البرتغال بجهة أشبونة غرب الأندلس ومملكته صغيرة وهي من أعمال جليقية وصاحبها لهذا العهد متميز بسمته وملكه مشارك لابن أدفونش في نسبه ولا أدري كيف يتصل نسبه معهم وأما ملك برشلونة بجهة شرق الأندلس فعمالتهم واسعة ومملكتهم كبيرة تشتمل على برشلونة بجهة وارغون وشاطبة وسرقسطة وبلنسية وجزيرة دانية وميورقة وبنورقة ونسبهم في الفرنج وسياق الخبر عن ملكهم ما نقل ابن حيان أن الغوط الذين كانوا بالأندلس كانوا قديما في ملك الفرنج ثم اعتزوا عليهم وامتنعوا ونبذوا إليهم عهدهم وكانت برشلونة من ممالك الفرنج وعمالاتهم فلما جاء الله بالإسلام وكان الفتح قعد الفرنج عن نصر الغوط لتلك العداوة فلما انقضى أمر الغوط زحف المسلمون إلى الفرنج فأزعجوهم عن برشلونة وملكوها ثم تجاوزوا الدروب من ورائها إلى البسائط بالبر الكبير فملكوا من قواعدها جزيرة أربونة وما إليها من تلك البسائط ثم كانت فترة عند انقراض الدولة الأموية بالمشرق وبداية الدولة العباسية افتتن فيها العرب بالأندلس وانتهز الفرنج فرصتهم فارتجعوا بلادهم إلى برشلونة فملكوها لهذا العهد مائتين من الهجرة وولوا عليهم من قبلهم وصار أمرها راجعا إلى ملك رومة من الفرنجة وهو قارله الأكبر وكان من الجبابرة ثم ركبهم من الخلاف والمنافسة في أوقات ضعفهم واختل إلى ملوكهم كالذي ركبه المسلمون من ضعفت يده من الملوك فاقتطع الأمراء نواحيهم بكل جهة فكان ملوك برشلونة هؤلاء ممن اقتطع عمله وكان ملوك بني أمية لأول دولتهم يتراضون بمهادنة هؤلاء الملوك أهل برشلونة حذرا من مدد صاحب رومة ثم صاحب القسطنطينية من ورائه فما كانت دولة المنصور بن أبي عامر بين اقطاع برشلونة عن ملك الفرنج شمر المنصور لغزوهم واستباح بلادهم وأثخن في أعمالهم وافتتح برشلونة وخربها وأنزل بهم النقمات وملكهم لعهده بردويل بن سير وكانت حالة الظهور عليه كحاله مع سائر الملوك النصارى ولما هلك بردويل ترك من الولد فلبة وريند وأومنقود ثم انتقض أومنقود على عبد الملك بن المنصور فغزاه وأخذه في بعض ثغوره صلحا ثم كانت الفتنة البربرية وحضرها أومنقود فهلك في الوقعة مع البربر سنة أربعمائة وانفرد بيمند بملك برشلونة إلى أن هلك بعد عشر وأربعمائة وملك ابنه يلتنفير وكفلته أمه وحاربت يحيى بن منذر من ملوك الطوائف وهي التي تغلبت على ثغر طرشوشة واتصل الملك في عقب بيمند وكان الملك منهم لآخر دولة الموحدين جامعة بن بطرة بن أدفونش بن ربند وهو الذي ارتجع بلنسية وملكهم بهذا العهد اسمه بطرة ولم يبلغني كيف اتصال نسبه بقومه وملك بعد العشرين من هذه المائة وهو حي لهذا العهد وابنه غالب عليه لكبر سنه والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.